وتخوف الخبير العسكري الشريفي من أن انسحاب قوات التحالف أو القوات الأميركية، "قد يشجع عودة التنظيمات المتطرفة، ليس في العراق لوحده، إنما في المنطقة كلها".
وأشار بقوله إلى أن "الميادين ستلتهب، حيث ستقوم هذه التنظيمات باستهداف جميع دول المنطقة".
وذكر أن هذه المرحلة قد تكون "أخطر من الفترة السابقة التي ظهر فيها تنظيم داعش"، قائلا: "كان يوجد حينها إجماع جماهيري تم استثماره في تعبئة شعبية لإيجاد جهود قتالية في الميدان (لمواجهة التنظيم الإرهابي)، لكن في حال حصول انسحاب، فإننا نتخوف من عدم وجود حالة الإجماع الجماهيري التي كانت سابقا، بل على العكس سيكون هناك مخاوف من حدوث صدامات بين بعض المكونات، خاصة الشيعية، في ظل وجود عدم تآلف بين التيار الصدري وعصائب أهل الحق، وكل منهما يمتلك تسليحا كبيرا، مما قد يعني حدوث حرب أهلية داخل العراق".
وستمكن اللجنة العسكرية العليا الانتقال إلى "شراكة أمنية ثنائية دائمة بين الولايات المتحدة والعراق، وذلك بالبناء على نجاحات هزيمة تنظيم داعش في العراق وسوريا، بالشراكة مع فرقة العمل المشتركة بعملية العزم الصلب كجزء من التحالف الدولي لهزيمة تنظيم داعش".
وتبني اللجنة العسكرية العليا على الحوار الأمني المشترك بين الولايات المتحدة والعراق الذي عقد في أغسطس 2023، حيث التزمت واشنطن بإطلاق اللجنة لمناقشة كيفية تحول مهمة التحالف بناء على جدول زمني يأخذ 3 عوامل بعين الاعتبار، هي "التهديد الذي يشكله التنظيم، ومتطلبات العمليات والبيئة، ومستويات قدرة قوات الأمن العراقية".
وأكد البيان أن القوات الأميركية في العراق موجودة "بناء على دعوة من الحكومة العراقية، وذلك ضمن مهمة عملية العزم الصلب ولتقديم المشورة والمساعدة والتمكين لقوات الأمن العراقية في خضم قتالها المستمر ضد داعش. وتظل الولايات المتحدة ملتزمة بأمن العراق واستقراره وسيادته".
وتعهدت ما تعرف بـ"المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي ائتلاف من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، الجمعة، مواصلة هجماتها ضد التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش، رغم المباحثات المرتقبة بين بغداد وواشنطن حول وجود هذه القوات في الأراضي العراقية، بحسب تقرير نشرته وكالة فرانس برس.
ويوجد في العراق نحو 2500 جندي أميركي، بينما ينتشر في سوريا زهاء 900 جندي أميركي، في إطار عمل التحالف الدولي الذي أطلقته واشنطن عام 2014.
الباحث المتخصص بالجماعات الإسلامية المسلحة، أنيس عكروتي، قال في تقييمه بشأن علاقة الانسحاب بمخاطر انتعاش تنظيم داعش، إن "الانسحاب لا يعني بالضرورة عودة التنظيم الإرهابي".
وتابع: "رغم تنفيذه لهجمات كل فترة في العراق وسوريا، فإن داعش على الأرض خسر الكثير على مستوى الموارد البشرية، ناهيك عما تعرضت له قياداته من اغتيالات، وتآكل قدراته المالية".
وأشار في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، إلى أن واشنطن "قد لا تمانع في إنهاء وجود قوات التحالف أو قواتها، فقد سبق أن سحبت قواتها سنة 2011"، واستدرك قائلا إنه لتفادي حصول فراغ مشابه لما حصل إثر الانسحاب العسكري، يجب على الولايات المتحدة "بناء شراكة أمنية معلوماتية قوية بين بغداد وواشنطن، والعمل على إيجاد مناخ سياسي سليم ودفع عجلة التنمية، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه أو تفاقمه، سينتج عنه بالضرورة تصاعد نشاط التنظيم وكل السيناريوهات ستكون متاحة في ظل وجود دولة ضعيفة".
وأكد عكروتي أن "الجيش العراقي ربما يتمتع بالخبرة الكافية والعتاد اللازم لمجابهة تنظيم داعش أو تنظيمات أخرى، لكن تبقى المعضلة في تعاظم نفوذ الميليشيات الموالية لإيران، التي تثبط أي عملية سياسية أو تنموية أو حتى مالية في البلاد".
واستطرد قائلا أن "أخطر شيء في هذه الميليشيات ليس الدعم القوي الذي تناله من طهران، بل بإمكانية استخدامها بما يخدم مصالح إيران فقط، وهو ما نشهده منذ بداية الحرب في غزة".
وتخشى واشنطن من أن انسحابا سريعا قد يترك فراغا أمنيا يمكن أن تشغله إيران أو تنظيم داعش، الذي يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق صحراوية، ويواصل شن هجمات محدودة على الرغم من عدم سيطرته على أي منطقة، بحسب وكالة رويترز.
وتشارك الكثير من الدول في التحالف الذي تقوده واشنطن لدعم القوات العراقية في القتال الذي خاضته ضد تنظيم داعش. وحتى الآن، يتمركز جنود أميركيون وفرنسيون وبريطانيون وإسبان في العراق، ويقدمون مساعدة ومشورة للقوات العراقية، بهدف منع عودة التنظيم المتطرف.
الخبير في الجماعات الإسلامية المسلحة، أحمد سلطان، اختلف مع عكروتي، مؤكدا أن "انسحاب قوات التحالف والقوات الأميركية من العراق، قد يعني عودة انتعاش تنظيم داعش في المنطقة خلال فترة وجيزة".
وشرح في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، بأن "ما يمنع حاليا بقايا داعش من التحرك والانتشار هو الضغط العسكري والاستخباراتي الذي يخضع له. هذا ما يمنعه من إنشاء خلافة مكانية مرة أخرى".
ورأى سلطان أن الأسباب التي ساهمت في نشأة تنظيم داعش "لا تزال موجودة"، مشيرا إلى أن الانسحاب "قد يكون بمثابة هدية" للتنظيم، خاصة أن العمليات النوعية التي استهدفت قادة داعش نفذتها إما قوات التحالف أو القوات الأميركية.
وقال: "الجيش العراقي استطاع خلال السنوات الماضية وبتدريب فني أميركي، من إنشاء وحدات فاعلة لمكافحة الإرهاب"، لكن في الوقت ذاته "لا يمكن إغفال وجود أزمة طائفية على مستوى الإدارة والحكم والمحاصصة، والتي قد تقلل كفاءة استخدام الموارد العسكرية الموجودة".
وأكد سلطان أن "العنوان البسيط هو انسحاب قوات التحالف أو القوات الأميركية، لكن العنوان الأوسع هو الصراع الإقليمي بين القوات الأميركية وحلفائها وإيران ووكلائها"، مضيفا أن الانسحاب يمكن أن يتم بعد "القضاء على كل عوامل وأسباب ظهور تنظيم داعش، وفي مقدمتها الطائفية، التي يتغذى عليها التنظيم".
وبعد صعوده السريع واستيلائه على مناطق شاسعة في العراق وسوريا المجاورة، شهد تنظيم داعش انهيار دولة "الخلافة" التي أعلنها عام 2014، في ظل هجمات تم شنها ضده في هذين البلدين.
وأعلنت السلطات العراقية "انتصارها" على التنظيم الإرهابي في نهاية 2017. غير أن خلاياه تواصل مهاجمة أفراد الجيش والشرطة بشكل متقطع، خصوصا في المناطق الريفية والنائية خارج المدن الكبرى.
وقال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، مؤخرا، إن "انتهاء مهمة التحالف الدولي ضرورة لأمن العراق واستقراره، كما أنها ضرورة للحفاظ على العلاقات الثنائية البناءة بين العراق ودول التحالف".
واعتبر السوداني أنه "لم تعد هناك أي مبررات لوجود التحالف الدولي"، قائلا: "اليوم الموقف الأمني بشهادة كل المختصين في العراق، ولدى الأصدقاء، هو أن داعش لا يمثل تهديدا للدولة العراقية".
المعلومات الواردة ضمن الخبر تم التأكد منها من خلال المصادر التي قامت بنشرها وتضمين المواقع الالكترونية لها ضمن نص التقرير والمعلومة التابعة لها .