وتحتاج إيران إلى عملة الدولار من أجل استقرار اقتصادها المتدهور، الذي تضرر بشدة من العقوبات الأميركية المفروضة منذ 2018 بعد أن أعلن الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، الانسحاب بشكل منفرد من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية الست.
وفقدت العملة الإيرانية المضطربة حوالي 30 في المئة من قيمتها منذ الاحتجاجات التي عمت البلاد في أعقاب وفاة الإيرانية الكردية، مهسا أميني، (22 عاما) في 16 سبتمبر، مما زاد من عزلة البلاد.
وتستخدم المؤسسة الدينية الإيرانية منذ سنوات شركات صورية من العراق إلى تركيا للحصول على الدولارات التي تحتاجها في المعاملات الدولية ولتمويل وكلائها في أنحاء الشرق الأوسط بحسب رويترز.
عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، جمال كوجر قال إن "المصرف المركزي العراقي عليه أن يحدد أسباب فرض عقوبات أميركية على بنوك عراقية، من أجل معرفة مصدر المشاكل والخلل التي قد تضر بالاقتصاد العراقي".
وأضاف أنه إذا ما كانت بسبب تعاملها مع إيران "يمكن فهم البعد السياسي في الموضوع، ولكن في حال كانت بسبب عدم التزامها بقواعد الامتثال والضوابط المصرفية فسبب الخلل يعود على المصرف المركزي الذي يسمح بهذا".
أزمة انخفاض سعر صرف الدينار العراقي لا تزال مستمرة، إذ لم تنجح الإجراءات الرسمية في كبح ارتفاع أسعار صرف الدولار، فيما تترافق هذه المشكلة مع "معضلة تهريب الدولار لبعض دول الجوار".
صحيفة وول ستريت جورنال نقلت، الأربعاء، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن ستفرض عقوبات على 14 مصرف عراقي بمنعها من إجراء معاملات بالدولار، في إطار حملة شاملة لمكافحة تسريب العملة الأميركية إلى إيران.
وتمكنت مصارف وشركات صرافة من تحقيق أرباح ضخمة من تعاملاتها بالدولار، باستخدام عمليات استيراد احتيالية ومخططات أخرى، وفقا لمسؤولين أميركيين وعراقيين حاليين وسابقين بحسب الصحيفة.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية منعت أربعة بنوك عراقية أخرى من الوصول إلى الدولار في نوفمبر الماضي. وبالتعاون مع البنك المركزي العراقي فرضت ضوابط أكثر صرامة على التحويلات المالية في البلاد بشكل عام.
الأكاديمي الخبير الاقتصادي العراقي، عبدالرحمن نجم المشهداني يؤكد أن مثل هذه العقوبات "ستؤثر كثيرا على أسعار صرف الدولار في العراق"، مشيرا إلى أن "الأسعار كانت قد تأثرت في نوفمبر الماضي عندما حظرت واشنطن مشاركة أربعة بنوك في مزادات بيع العملة، بالتأكيد عقوبات على 14 مصرف ستؤثر على ما يحدث في السوق المحلية".
وأوضح المشهداني في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" أن "المصارف التي فرضت عليها العقوبات تتراوح في أهميتها، ومحدودية رأسمالها، لكنها بالمجمل تستحوذ على حصة كبيرة من التحويلات المالية التي تتم بالعملات الأجنبية، وبعضها يتبع لجهات دينية في العراق".
وتتراجع قيمة العملة العراقية منذ أواخر العام الماضي مع فرض ضوابط جديدة على الحوالات، وحرمان بعض البنوك من المشاركة في مزادات بيع العملة.
وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك قد أقر ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار للبنوك التجارية العراقية في نوفمبر الماضي.
وأضاف المشهداني أن بعض هذه البنوك تنشط في منح "البطاقات الائتمانية بشكل كبير والتي تجرى دفعاتها بالدولار، وهو ما رصدته السلطات في فترات سابقة عندما كانت تعثر مع مسافرين على عشرات البطاقات التي تصدرها بنوك محددة".
ويرجح أن متعاملين مع هذه البنوك سيتجهون إلى السوق الموازية للحصول على "الدولارات التي يريدونها، أكان من أجل تمويل عملياتهم التجارية أو لتهريبها للخارج"، ناهيك عما قد نشهده من "تحالف ضمني بين هذه البنوك الـ14 والبنوك الأربعة الماضية، أي 18 بنكا من بين 72 مصرفا قد يتخذون إجراءات تؤثر على أسعار الصرف خاصة في السوق الموازية ما سيسبب ضغطا على ما يتم بيعه من المصرف المركزي العراقي".
وعادة ما يشترك في مزادات العملة 38 مصرفا عراقيا، وبمنع 18 منها من التعامل بالدولار، سيؤثر هذا أيضا على سوق العملة الأجنبية بحسب المشهداني، مشيرا إلى أن أربعة بنوك تستأثر حاليا بالجزء الأكبر من الحوالات الدولية.
وأفاد تقرير صحيفة وول ستريت جورنال بأن الولايات المتحدة كشفت معلومات تفيد بأن البنوك العراقية شاركت في غسل أموال ومعاملات احتيالية، ربما شارك في بعضها أفراد مشمولون بالعقوبات، وأثارت مخاوف من أن إيران قد تستفيد من هذه المعاملات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي كبير قوله "لدينا سبب قوي يدعونا للشك في أن بعض هذه الأموال المغسولة على الأقل قد ينتهي به المطاف بإفادة إما أفراد مستهدفين بالعقوبات أو أفراد يمكن استهدافهم".
وأضاف "بالطبع فإن الخطر الأساسي وراء العقوبات في العراق متعلق بإيران".
من جانبه يتوقع الخبير الاقتصادي العراقي، محمود داغر أن يؤدي فرض العقوبات على بنوك عراقية إلى "تأثير حتمي بخفض إضافي لقيمة الدينار العراقي، ليصبح سعر الصرف أمام الدولار فوق مستوى الـ1500 دينار مقابل الدولار".
ويشرح داغر وهو مسؤول سابق في البنك المركزي العراقي، في رد على استفسارات موقع "الحرة" إن "تعليمات المصرف المركزي العراقي وضحت إجراءات تعامل البنوك والمتعاملين مع العملات الأجنبية وخاصة الدولار، وهي منضبطة إلى حد كبير".
ويرى داغر أن الخلل الذي يحصل في مسألة التحويلات يرتبط بشكل أكبر بـ"عملة اليوان الصينية، خاصة وأن التعاملات تكون بين مصارف عراقية ومصارف صينية قد لا تكون منضبطة، وهي ما تتسبب في مشاكل في قضية التحويلات".
وأشارت وكالة رويترز في تقرير مطلع يناير، إلى أن مجمل الخطوات التي اتخذت سابقا هدفها "وقف تهريب العملة الأجنبية إلى إيران".
مستويات أسعار صرف الدينار العراقي أمام الدولار لا تزال في تذبذب. أرشيفية
محللون: "مشاكل هيكلية" أمام أزمة الدولار بالعراق
ما تزال أزمة أسعار صرف الدينار أمام الدولار قائمة في العراق منذ أواخر العام الماضي، والتي تشهد تذبذبا رغم إجراءات اتخذها البنك المركزي في البلاد بهدف الدفع باستقرار أسعار العملة.
وتحتاج إيران إلى عملة الدولار من أجل استقرار اقتصادها المتدهور، الذي تضرر بشدة من العقوبات الأميركية المفروضة منذ 2018 بعد أن أعلن الرئيس الأميركي آنذاك، دونالد ترامب، الانسحاب بشكل منفرد من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية الست.
وفقدت العملة الإيرانية المضطربة حوالي 30 في المئة من قيمتها منذ الاحتجاجات التي عمت البلاد في أعقاب وفاة الإيرانية الكردية، مهسا أميني، (22 عاما) في 16 سبتمبر، مما زاد من عزلة البلاد.
وتستخدم المؤسسة الدينية الإيرانية منذ سنوات شركات صورية من العراق إلى تركيا للحصول على الدولارات التي تحتاجها في المعاملات الدولية ولتمويل وكلائها في أنحاء الشرق الأوسط بحسب رويترز.
تهريب العملة
عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، جمال كوجر قال إن "المصرف المركزي العراقي عليه أن يحدد أسباب فرض عقوبات أميركية على بنوك عراقية، من أجل معرفة مصدر المشاكل والخلل التي قد تضر بالاقتصاد العراقي".
وبين في حديث لموقع "الحرة" أنه "لا نعرف ما إذا كان فرض العقوبات لعدم انضباط هذه البنوك في تنفيذ التعليمات وقواعد الامتثال المصرفية، أو لأنها فقط تتعامل مع إيران".
وأضاف أنه إذا ما كانت بسبب تعاملها مع إيران "يمكن فهم البعد السياسي في الموضوع، ولكن في حال كانت بسبب عدم التزامها بقواعد الامتثال والضوابط المصرفية فسبب الخلل يعود على المصرف المركزي الذي يسمح بهذا".
مع استمرار أزمة الدولار في العراق، وانخفاض سعر العملة المحلية، تظاهر مئات العراقيين الأربعاء، أمام مقر البنك المركزي في بغداد مطالبين بتخفيض سعر الدولار، ويحمولونه مسؤولية ما آلت إليه الأمور.
وحول دور اللجنة المالية النيابية أو الحكومة في متابعة هذا الملف، تساءل كوجر "من يجب أن يحاسب على حدوث مثل هذا الخلل؟"، وزاد "المشكلة تكمن في عدم وجود جهة تحاسب من يخطأ أو يسمح بالخطأ، ورغم أن المصرف المركزي العراقي هو جهاز دولة، إلا أن توجهاته تتبع إلى حد كبير الحكومة الحالية التي تمثل إلى حد كبير الأحزاب الموالية لطهران، ولهذا لن ترى أي تحرك يعيد للجهاز المصرفي هيبته، ويقلل من إضافة مصارف إضافية ضمن قوائم العقوبات الدولية التي تؤثر على سمعة العراق".
وأضاف أن اللجنة ستبحث "خطة البنك المركزي في الحفاظ على سعر الصرف".
وذكر كوجر أنه خلال الأيام المقبلة سنعرف مدى تأثر أسعار الصرف، وسيظهر لنا حصتها من إجمالي قيمة الحوالات الخارجية.
وقلل مسؤولون أميركيون من تأثير خطوة واشنطن الأخيرة على الاقتصاد العراقي، مستشهدين بإحصاءات داخلية أظهرت أن البنوك الأربعة عشر مجتمعة تمتلك 1.29 في المئة فقط من إجمالي الأصول المصرفية في العراق، بحسب وول ستريت جورنال
وأضافوا أن كثيرا من الأنشطة المصرفية المشروعة في العراق تجري من قبل البنوك المملوكة للدولة، مبينين أن البلاد فيها 46 مصرفا تجاريا آخر غير متأثر بحظر الدولار.
الخبير الاقتصادي عبدالرحمن نجم المشهداني يرى أن "المصرف المركزي العراقي، يحاول ضبط تهريب العملة الأجنبية لدول الجوار، ولكن ما يحصل خارج عن قدرته، إذ أن بغداد لديها علاقات تجارية مع دول الجوار والمشمولة بعقوبات دولية، إذ يبلغ حجم الميزان التجاري بين العراق وتركيا وإيران وسوريا نحو 21 مليار دولار سنويا، يتم تمويل أغلبها من السوق الموازية".
وأشار إلى أن الدول الغربية وخاصة واشنطن عليها أن تدرك أن التعامل بين بغداد ودول الجوار له مزايا ترتبط بالقرب الجغرافي وتوفير سلع ومنتجات بأسعار مقبولة للمواطن العراقي، والتي قد يدخل ضمن دورتها التجارية "غسل للأموال"، ولكن لا يمكن وقف هذا الأمر من دون توفير بديل يرضي ويلبي احتياجات السوق العراقية.
وذكر المشهداني أن أقرب مثال يمكن استخدامه "بعدم القدرة على الاستغناء عن مستوردات الكهرباء والغاز من إيران، ولهذا لا خيار أمام الحكومة العراقية إلا التعامل مع طهران في بعض الملفات، وهو ما لا يروق إلى واشنطن".
وهذه الأموال المودعة في الحسابات غير العراقية ستكون مقيدة، شأنها شأن تلك المودعة في البنوك العراقية، ويلزم حصول إيران على إذن من الولايات المتحدة للوصول لتلك الأموال التي لا يمكن استخدامها إلا لتلبية الاحتياجات الإنسانية.
وزاد أن "المركزي العراقي عدل قراراته أكثر من مرة إذ سمح بمبلغ 7000 دولار لكل مسافر، وبعدها خفضها لألفي دولار، وعاد ورفعها لـ3000 دولار، وإجراءات أخرى للحد من ضخ الدولار للسوق الموازية".
وفي فبراير الماضي، قرر البنك المركزي رفع قيمة سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار بنسبة 10 في المئة في إجراء هدف إلى الحد من انخفاض قيمة العملة الذي صاحب اعتماد أنظمة أكثر صرامة بشان التحويلات المالية خارج البلاد.
ووافقت الحكومة العراقية حينها على مقترح البنك المركزي برفع قيمة سعر الصرف من نحو 1470 دينارا إلى 1300 دينار للدولار الواحد، وهو ما كان له أثر واضح في سوق الصرف حينها بخفض الأسعار التي وصلت لمستوى 1700 دينار في السوق الموازية.
ويتعين على البنوك العراقية الآن إدارة التحويلات الخارجية من خلال منصة "سويفت" الإلكترونية، وهي مرادفة لمراقبة أكثر صرامة للمعاملات، ولا سيما من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي يرفض أي تحويل يعتبر مشبوها.
وينبغي على المصارف العراقية حاليا تسجيل "تحويلاتها بالدولار على منصة إلكترونية، تدقق الطلبات... ويقوم الاحتياطي الفيدرالي بفحصها وإذا كانت لديه شكوك يقوم بوقف التحويل".
ومع بداية تطبيق النظام الإلكتروني رفض الاحتياطي الفيدرالي 80 في المئة من طلبات التحويلات المالية للمصارف العراقية على خلفية شكوك متعلقة بالوجهة النهائية لتلك المبالغ الذي يجري تحويلها.
واعترفت السلطات بأن نظام التحويل القديم يسمح بالعديد من التجاوزات، إذ حصل بعض المستخدمين على دولارات من البنك المركزي عبر القنوات الرسمية، للقيام بعمليات غسل أموال في الخارج أو هروب رؤوس الأموال.
الخبر صحيح وتم التأكد منه من خلال مراجعة الموقع الالكتروني لصحيفة وول ستريت جورنال حيث تم نشر التقرير هنا.