"تجارة الشهادات العليا" بالجامعات اللبنانية والإيرانية وسط غياب التقييم العلمي والمسؤولية الأخلاقية




"تجارة الشهادات العليا" بالجامعات اللبنانية والإيرانية وسط غياب التقييم العلمي والمسؤولية الأخلاقية
سياسة / تقارير
جودة الخبر 58%
تشويه وتشهير وجهة نظر واحدة

تم نقل النص عن صحيفة العالم الجديد بتاريخ 13/03/2023 10:50

شارك على  
المحرر - ولاء ريا - احمد حسن


يطالع "جمال.ط" شهادة "الدكتوراه" في حقل القانون، المعلقة على جدار صالة الاستقبال بمنزله، والتي طالما افتخر بها، حيث حصل عليها بعد جهد دراسي امتد لثلاث سنوات في أروقة إحدى الجامعات اللبنانية، لكن شهادته تلك باتت محل تشكيك.

يشير إلى شهادته قائلا: "اغتربت لسنوات، ودرست كل يوم لساعات إلى أن حصلت عليها، كانت سنوات صعبة، اضطررت فيها إلى بيع سيارتي الشخصية لكي أؤمن أقساط الدراسة ونفقات الاقامة".

وإذ يتم منذ يوم أمس الخميس، تداول فيديو لتعرض طلبة عراقيين في لبنان إلى اعتداء من قبل قوات أمنية، تزداد موجة التشكيك بشأن طرق الحصول على شهاداتهم، يتابع التدريسي في إحدى الجامعات الأهلية العراقية، بينما ترتفع نبرة صوته وهو يلقي بنظارته جانبا "كان المشرف على أطروحتي من خيرة التدريسيين العرب في مجال الحقوق، لديه مؤلفات عديدة، عملنا طوال أكثر من عام لكي تظهر أطروحتي بالنحو اللائق، لكن الكل بات اليوم يشكك في صحة شهاداتنا، لأن هناك من حصلوا على شهاداتهم دون أي جهد.. كتبها آخرون بدلا عنهم مقابل المال".

يردف بنبرة جازمة: "جلهم من المسؤولين، بعضهم يشغلون مناصب مهمة بالدولة، دفعوا المال ونسقوا مع أساتذة وموظفين في تلك الجامعات ليحصلوا على شهاداتهم، هذه باتت تجارة مربحة للطرفين، تجارة يقف خلفها أناس قدموا كل أنواع التسهيلات لادامة أرباحهم".

كانت الجامعات اللبنانية ولنحو عقدين من الزمن مقصدا لعشرات الآلاف من العراقيين الراغبين بإكمال دراساتهم العليا وبمختلف الحقول العلمية والإنسانية، مثل جامعتي الجنان والجامعة الإسلامية اللتين تضمان إلى اليوم آلاف العراقيين الساعين إلى تحسين رواتبهم ومواقعهم الإدارية أو ضمان فرص تعيين حكومي من خلال حصولهم على شهادات عليا.

تقدر أعداد الطلبة العراقيين في جامعة الجنان بما يقرب من 13600 للعام الدراسي المنصرم (2021-2022)، أما الجامعة الإسلامية في لبنان، فقد ضمت في العام الدراسي 2020-2021 بحدود 4000 طالب عراقي في كلية الحقوق وحدها، و900 طالب في كلية الإدارة والاقتصاد وعدد قليل في بقية الكليات، بحسب طلاب من الجامعتين المذكورتين، إذ تعذر الحصول على أرقام أو إحصائيات رسمية (تواصلنا مع الجامعة عدة مرات ولم نحصل على جواب لأرقام رسمية). وبحسب تصريح صحفي لرئيس الجامعة الإسلامية: "تكلّموا عن آلاف الشهادات المزورة، طلبت لوائح بأسماء الخريجين واختصاصاتهم من سنة 2016 إلى سنة 2021، تبين أن الخريجين من هذه الجامعة من ماجستير ودكتوراه في ست كليات خلال السنوات الستة حوالي 1,111 خريج من كافة الجنسيات".

يقول الناشط في مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة محمد الربيعي، الذي اهتمت مؤسسته بمعرفة أرقام الطلاب الدارسين في لبنان: "نحن كمؤسسة مختصة بقضايا دعم الشفافية والنزاهة، لم نحصل على إحصائيات بشأن عدد الطلاب، فليست هنالك إجراءات ترغم الطلاب على الحصول على وثائق من وزارة التعليم أو الدوائر الرسمية للدراسة في الخارج يمكن من خلالها إحصاء أعداد الطلاب، لكننا نعرف بأن هنالك عشرات الآلاف من الطلبة العراقيين تواجدوا في لبنان من أجل الدراسة".

ويستدرك الربيعي: "وزارة التربية اللبنانية تملك الإحصائية الدقيقة، لأن هذه الجامعات طلبت مصادقة وزارة التربية، لكن وجود سماسرة عراقيين يتعاملون مع الدوائر الحكومية ويحصلون على مبالغ تتراوح بين 200 إلى 500 دولار لتصديق كل وثيقة من تلك الوزارة جعل الجميع يتبرأ من الاعلان عن الاعداد، وللاسف معظمها كانت تخرج بصيغة غير قانونية، والدليل على ذلك ما قامت به الجامعة الإسلامية منذ أشهر بعزل المنسق أو ممثلها الذي ينقل الوثائق من وزارة التربية اللبنانية إلى الجامعة بسبب الابتزاز". 

يشكك الأستاذ الجامعي طاهر علي (56 سنة) بجزء كبير من تلك الشهادات الممنوحة، ويتساءل عن كيفية الحصول على الشهادة التي تتطلب التفرغ والتواجد في لبنان لفترات محددة في الأقل، وهو ما لم يحصل مع عشرات المسؤولين العراقيين الكبار الذين حصلوا على شهاداتهم بينما كانوا منشغلين بمهام وواجبات وظائفهم العليا في الدولة العراقية؟!

ويردد المشككون بتلك الشهادات، أسماء مثل فائق زيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى، والأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي اللذين حصلاً على شهادتيهما العليا من الجامعة الإسلامية، والأخير حصل عليها في أيلول سبتمبر 2022، وكانت شهادة في الدكتوراه بدرجة امتياز، وكذلك نعيم العبودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي حصل على شهادتين واحدة دكتوراه في اللغة العربية والأخرى ماجستير في حقوق الإنسان من الجامعة الإسلامية في لبنان.

بعض هؤلاء استغل الإجراءات الصارمة التي فرضتها الدولة اللبنانية في العام 2020 بحق الوافدين نتيجة انتشار فيروس كورونا، فتابع (خلافا للقانون العراقي) دراستهم عبر الانترنيت، متحججين بتعذّر سفرهم إلى لبنان، وهذا ما يؤكده محمد الربيعي، بقوله: "جميع المناصب العليا في بغداد ولاسيما في الرئاسات الثلاث حصل أصحابها على شهاداتهم من هذه الجامعات".
 
ويشير إلى أن الأسلوب الجديد المتبع من قبل موظفين بدرجات عليا مثل "مدير عام أو مدير قسم"، هو اعتمادهم على أساتذة عراقيين كمشرفين، يكتبون لهم الدراسة أو البحث أو الرسالة، ويكونون أعضاء في لجان المناقشات ويحضرون معهم إلى بيروت، ولذلك "نجد بأن معظم جلسات المناقشة فيها أكاديميون عراقيون".

الأوضاع التي فرضها انتشار الفيروس، وتحويل الدراسة من حضورية إلى إلكترونية، سهلت على العديد من الطلاب العراقيين عملية التسجيل الإلكتروني والدراسة في العديد من الجامعات اللبنانية الخاصة للحصول على شهاداتها، قبل أن تضج وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي في العراق صيف 2021 بأخبار "اكتشاف 27 ألف شهادة" وصفت بالمزورة، حصل عليها عراقيون من مؤسسات تعليمية لبنانية.

بين اولئك عشرات المسؤولين العراقيين الذين حصلوا على شهاداتهم بينما كانوا ملتزمين بوظائفهم الرسمية في العراق، كلا الأمرين أسهما في اتهامات وجهت لتلك الجامعات بتقديم الشهادات مقابل عوائد مالية وليس استناداً إلى سقوف علمية محددة.

تلك الشهادات تعد رسمية من الناحية القانونية، لكن تظل مسألة الاعتراف بها متعلقة بالجهة التي ستقدم لها لاحقاً سواءً في العراق أو لبنان.

18 ألف شهادة خلال عام
يقول وليد حسين، وهو صحافي لبناني،
يعمل في جريدة المدن الإلكترونية التي أثارت هذه القضية أولاً في 2021: "في العام الدراسي 2020- 2021، منحت إحدى الجامعات اللبنانية ستة آلاف شهادة لطلاب دراسات عليا، 2000 منها في القانون والبقية توزعت على اختصاصات إنسانية مختلفة من بينها العلوم السياسية".

 
ويوضح حسين أيضا إلى أن ثمانية عشر جامعة لبنانية أخرى، منحت في تلك الفترة 18 ألف شهادة دراسات عليا، موضحا أن هذه الأرقام قد حصل عليها من مصدر وزاري رفض اطلاعنا عليه، وعبر عن دهشته من هذا الكم الكبير الذي يفوق القدرة الأكاديمية لكبريات الجامعات العالمية، على حد تعبيره. تاركاً دون اجابة، السؤال عن كيفية تأمين المشرفين على كل تلك الشهادات في جامعات عدد أساتذتها محدود.

يقول الطالب فالح محسن (34 سنة) وهو عراقي يدرس في حقل إنساني بجامعة في بيروت، أن مسؤولين عراقيين كبارا حصلوا على شهادات بذات الطريقة: "يسجلون أسماءهم، وتكون دراستهم عن بعد، مع أنهم لا يدرسون عملياً أي شيء، فقط يدفعون الرسوم، والشهادة مضمونة في النهاية، يدعمون بها مراكزهم، فلقب دكتور يعني الكثير إداريا واجتماعيا في العراق" يقول منتقداً.

بعد ساعات من إعلان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة في أواخر تشرين الأول أكتوبر 2022، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في العراق بخبر تعيين "نعيم العبودي" وزيرا للتعليم العالي، وهو الحاصل على شهادته من الجامعة الإسلامية في لبنان التي كانت وزارة التعليم ذاتها قد علقت الاعتراف بها في تشرين الثاني نوفمبر 2021.

الوزارة حينها، قررت تعليق الشهادات الصادرة عن (الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، وجامعة الجنان) أيضا "لعدم التزامهما بمعايير الرصانة العلمية وفقاً لقانون أسس تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والاجنبية رقم (20) لسنة 2020، على أن يكون التعليق اعتباراً من (11-11-2021) دون أن يؤثر ذلك على الطلبة المسجلين قبل ذلك التأريخ".

ومما جاء في القرار كذلك "اعتماد نسبة 5 طلاب دراسات عليا لكل تدريسي في جميع الجامعات التي يتواجد فيها طلبة عراقيون، وعدم اعتماد أي جامعة لا تلتزم بهذه النسبة في أي دولة من دول العالم، وإخضاع جميع الرسائل والأطاريح للطلبة العراقيين الذين ينهون دراساتهم خارج البلاد إلى عملية فحص الاستدلال الإلكتروني واعتماد نسبة 20% كحد أعلى لنسبة الاستدلال المقبولة والاستعانة بالجامعات العراقية لغرض الاستدلال الإلكتروني لجميع الرسائل والأطاريح".

ومع تواصل التشكيك بشهادات تلك الجامعات، اتخذت الجهات اللبنانية بدورها إجراءات قضت بحصول المتقدمين للجامعات اللبنانية على معادلة الشهادة الثانوية كشرط للتسجيل فيها، وهو ما فرض على الطلبة عدة أشهر من الانتظار لتحقيق ذلك.

هذا ما يقوله (س. ع) الذي كان يقف مع أربعة طلاب آخرين أمام وزارة التربية والتعليم اللبنانية في منطقة الاونيسكو في بيروت. ويضيف "قدمت طلبا للحصول على المعادلة منذ أشهر واضطررت إلى تأجيل سفري عدة مرات". فيما كان يشكو طالب آخر كان يقف بجواره من تأخر مناقشة رسالته بسبب عدم حصوله على المعادلة.

شهادات المعادلة الثانوية

مع تطبيق تلك الإجراءات، انهالت على وزارة التعليم اللبنانية طلبات طلاب عراقيين يريدون معادلة شهاداتهم الثانوية وفقاً لمصدر رفيع المستوى في الوزارة طلب عدم الإشارة إلى أسمه، وذكر بأنهم كانوا يستقبلون في اليوم الواحد خلال 2020 و2021 ما يصل إلى 400 طلب معادلة لطلاب عراقيين "في حين أن طلبات المعادلة في السنة الكاملة لم تكن لتزيد عن 500 طلب".

وأشار إلى أن لجنة المعادلات في الوزارة أرسلت كتاباً إلى السفارة العراقية تضمنت معلومات عما وصفها بالظاهرة غير المسبوقة وغير الطبيعية "لأننا لم نستطع استيعاب الأعداد الهائلة، ثم وخلال فترة التحقيق توقفنا تماماً عن استقبال الطلبات".

وكانت وسائل إعلام لبنانية، قد أعلنت عن استعداد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، لاستقبال الطلبة العراقيين الذين تعرضوا لاعتداء من قبل قوات الأمن اللبنانية أمس الخميس.


مصدر الخبر

التقييم

هل ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة بالمحتوى؟
ذكر مصدر المعلومات

ذكر المحرر مصادر المعلومات الواردة ضمن الخبر, والارقام والاحصاءات التي تم الكشف عنها خلال التقرير.

هل قدم المحرر تغطية كافية للموضوع؟
أشار المحرر إلى عدم تمكنه من الحصول على المعلومات الكاملة.

أشار المحرر إلى عدم تمكنه من الحصول على المعلومة , لتأكيد المعلومات الواردة ضمن التقرير.

"(تواصلنا مع الجامعة عدة مرات ولم نحصل على جواب لأرقام رسمية)."

هل هناك تلاعب في المعلومات /أو في سياق عرضها؟
ابتعد المحرر عن التلاعب في المعلومات /أو في سياق عرضها

أبتعد المحرر عن التلاعب في المعلومات وسياق عرضها, واعتمد على المصادر المعنية لكشف المعلومات, كما تتبع السياق الزمني لما تم تقديمه من معلومات.

هل تمثل المصادر المستخدمة في المحتوى أكثر من وجهة نظر؟
وجهة نظر واحدة

المادة تمثل وجهة نظر الجهات التي تشكك في الشهادات الممنوحة للعراقيين من لبنان,

كان من الضروري كشف وجهة نظر وزراة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية,

لأهمية دورها في الموضوع, بحسب المعطيات التي قدمها التقرير , كان يجب أن يكون لها رد .

هل العنوان موضوعي ودقيق؟
العنوان موضوعي ودقيق
هل هناك أي إهانة /أو تشويه /أو تشهير لفرد أو مجموعة ضمن المحتوى؟
لم يشر المحرر لوقوع المصدر بـ (إهانة /أو تشويه /أو تشهير) بحق فرد أو مجموعة

تضمن التقرير تشكيك لم يشير المحرر إلى مصدره, حول الشهادات الممنوحة لشخصيات عراقية, مما يعتبر تشهير وتشويه, كان على المحرر تقديم ادلة والاستعانة بمصادر, للحديث عن كيفية حصول هذه الشخصيات على الشهادات بالرغم من مزاولتهم المهنة التي تتطلب تفرغ.

تم التقييم بواسطة فريق التقييم بتاريخ 2023/03/13 11:11

تعليق المقيم

أشار المحرر إلى عدم تمكنه من الحصول على المعلومة , لتأكيد المعلومات والتفاصيل الواردة ضمن التقرير, من خلال عدة مصادر.

وذكر:

"(تواصلنا مع الجامعة عدة مرات ولم نحصل على جواب لأرقام رسمية)."

تضمن التقرير تشكيك لم يشير المحرر إلى مصدره, حول الشهادات الممنوحة لشخصيات عراقية, مما يعتبر تشهير وتشويه, كان على المحرر تقديم ادلة والاستعانة بمصادر, للحديث عن كيفية حصول هذه الشخصيات على الشهادات بالرغم من مزاولتهم المهنة التي تتطلب تفرغ.

أو محاولة التواصل مع الشخصيات ذاتها لضمان حق الرد حول هذا التشكيك.

كما يمكن للصحيفة الاشارة ضمن نهاية التقرير, ضمان حق الرد لما ورد من تفاصيل شخصية حول حصول شخصيات رفيعة المستوى على شهادات اكاديمية من لبنان.


رد الصحفي

لا يوجد

رايك في التقييم

التعليقات