وقالت المحكمة إن قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة "يمنع بموجبه فدائيو صدام المتطوعين من أية حقوق تقاعدية"، وأضافت أن "من تم نقلهم قسرا من المدنيين أو العسكريين إلى هذا الجهاز" تحتسب خدمتهم فقط ويستحقون راتبهم التقاعدي عن فترة خدمتهم خارج "فدائيو صدام".
وأشارت المحكمة إلى أن التحقيقات تكشف أن "قسما منهم استشهد أثناء تحرير العراق من عصابات داعش الإرهابية... ما يقضي مراعاة ذلك..".
ولاقى هذا القرار ترحيبا من البعض معتبرين أنه يمثل حلا إنسانيا لشريحة من العراقيين، فيما انتقده آخرون معتبرين أنه لا يحقق العدالة لمن تعرضوا للتعذيب أو القتل على يد هذا الجهاز.
"مراعاة الجوانب الإنسانية"
الخبير القانوني، علي التميمي قال إن "قرار المحكمة الاتحادية، سليم ويراعي الجوانب الإنسانية"، مضيفا أن "التقاعد ليس للشخص المشمول فقط، بل لأطفاله وعائلته".
وأكد في رد على استفسارات موقع "الحرة" أن تنفيذ "قرارات المحكمة الاتحادية العليا ملزمة للسلطات كافة، وفقا للمادة 94 من الدستور العراقي".
ويشرح التميمي أن "القرار يشمل الذين لديهم خدمة خارج جهاز 'فدائيو صدام'، ولا يشمل مدة عملهم ضمن هذا الجهاز"، بمعنى أن "عدم الشمول بالتقاعد الذي نصت عليه المادة السادسة من قانون هيئة المساءلة والعدالة هي فقط الفترة التي عمل بها الشخص في جهاز فدائيي صدام".
ا
لباحثة السياسية، هبة الفدعم، تقول إنه لا يمكن النظر إلى هذا القرار بمعزل عن قرارات أخرى أقرت في العراق مؤخرا والتي ترتبط بتجريم كل من "يروج أو يتحدث عن أي أفكار قد تكون مرتبطة بحزب البعث".
وتتخوف في حديثها لموقع "الحرة" من "أن هذا القرار ما هو إلا محاولة لاستدراج بقايا شريحة تتعرض للتهميش والقمع نتيجة انخراطهم بشكل قسري في جهاز فدائيي صدام في التسعينيات".
وتشرح الباحثة الفدعم، وهي مقيمة في الولايات المتحدة، أن "فدائيي صدام، كانت عبارة عن مجموعة مسلحة شريحتها الأكبر نخبة الفتية الشباب، والتي كانت كما تمت تسميتها هدفها الأساسي الفداء دفاعا عن الرئيس المخلوع صدام حسين حصرا، أو على اعتبار أن النظام السابق والعراق كيان واحد كلاهما يعبر عن الآخر، في تجربة لاستنساخ مجموعات كان قد أسسها هتلر في ألمانيا والتي كانت أشبه بمجموعات فدائية للدفاع عنه".
وأضافت أن النظام في حينها "كان يستهدف الشباب الذين أعمارهم لا تزال بين 17 إلى 20 عاما، إذ يسهل عليه توجيهم وزرع الأفكار فيهم، بما في ذلك أن يضع نفسه فدائيا لصدام".
وأكدت الفدعم أن غالبية الذين عملوا في هذا الجهاز إما "توفوا أو قتلوا أو تم اعتقالهم أو سافروا خارج البلد، ولم يبق منهم سوى عدد قليل داخل البلاد ويعانون من القمع والتهميش، ليس هم فقط، وحتى عائلاتهم وأطفالهم".
انتقادات وترحيب
النائب حسن سالم عن كتلة "صادقون"، انتقد منح الحقوق التقاعدية لفدائيي صدام، وقال: "نحن لسنا ضد قيام مصالحة وطنية حقيقية، لكنها في البدء أن تكون مصالحة مع من يؤمن بالسلام والقيم الديمقراطية للعراق الجديد.. وبالتأكيد ليست المصالحة مع القتلة الذين سمموا حياتنا طوال عقود طويلة"، بحسب تقرير نشرته الوكالة الوطنية العراقية للأنباء "نينا".
وأضاف أن هؤلاء "لم يعاقبوا على جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب العراقي"، داعيا إلى ضرورة ملاحقتهم قانونيا عن جرائمهم.
من جانبها قالت النائبة، زهرة البجاري، التي تنتمي للإطار التنسيقي في بيان عبر فيسبوك إنها "تستنكر بشدة قرار إحالة ميليشياء فدائيي صدام إلى التقاعد"، معتبرة أن قرار المحكمة يمثل "رقصا على دماء الشهداء وآهات المظلومين..".
"فدائيو صدام"
و"فدائيو صدام"، هي مجموعة شبه عسكرية عراقية قوامها بين 30 إلى 40 ألف شخص، بحسب تقرير لـ"مركز العلاقات الخارجية".
ويشير التقرير إلى أن فدائيي صدام كانوا منفصلين عن الجيش العراقي، وكان اللواء إياد الراوي هو قائد هذه المجموعة، وهو من أشد الموالين لصدام حسين وحصل على 27 ميدالية خلال الحرب العراقية مع إيران.
وينقل التقرير عن الخبراء أنهم يعتقدون أن هذه المجموعة، التي تأسست في عام 1995 على يد عدي، الابن الأكبر لصدام، بدأت بعدد لم يتجاوز 15 ألف شخص كانوا غالبيتهم من المناطق الأشد ولاء للبعث وصدام، إذ كان يستخدمها من أجل مهاجمة المعارضين وتعذيبهم وقتلهم.
ويرجح الخبراء أن هذه المجموعة كانت مسؤولة عن عمليات التهريب والممارسات غير القانونية على طول الحدود العراقية، وكانت مسؤولة بشكل مباشر عن ممارسات النظام "الوحشية"، والتي كانت تدير ما يشبه بفرقة "الموت"، فيما تتهم الخارجية الأميركية بأنهم مسؤولين عن قطع رأس أكثر من 200 امرأة كجزء من حملة مزعومة لمكافحة الدعارة.
وازن المحرر في عرض الآراء للشخصيات التي أدلت بالتصريحات ضمن التقرير.