قرار وزارة الداخلية العراقية تشكيل لجنة لـ"متابعة المحتوى الهابط" على مواقع التواصل الاجتماعي و"تقديم صانعيها للعدالة"، أثار الجدل بين الداعين لـ"حماية المجتمع" من المنشورات "المسيئة"، والقلقين على حرية التعبير الذين يعتقدون أن وزارة الداخلية "غير مؤهلة" أو معنية بتقييم المحتوى على منصات التواصل.
وأعلنت وزارة الداخلية، الاثنين،
في بيان "تشكيل لجنة لمتابعة المحتويات في مواقع التواصل ومعالجة الهابط منها وتقديم صانعيها للعدالة".
ونشر حساب وزارة الداخلية على موقع تويتر فيديو يظهر صناع محتوى عراقيين، بينهم مشاهير، مع تعليق "المحتوى الهابط إلى أين؟".
وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء العراقة الرسمية أن "القضاء دعم مقترحات الأجهزة الأمنية حول ملف المحتوى في السوشل ميديا"، وأن "اللجنة باشرت عملها وحققت عملا في الوصول إلى صناع المحتوى الهابط والقبض عليهم".
يقول الباحث الاجتماعي العراقي محمد شاكر إن "وصف المحتوى الهابط يمكن أن يشمل أنواعا كثيرة من المحتوى الموجود على مواقع التواصل"، مضيفا "من دون تعريف محدد للمحتوى الذي تعمل وزارة الداخلية على محاربته لا يمكن إلا أن نشعر بالقلق من هذه الخطوة".
ولم يرد مدير إعلام وزارة الداخلية، اللواء سعد معن، على اتصال موقع "الحرة"، للحديث عن المعايير التي تعتمدها الوزارة لمعالجة المحتوى وتصنيفه، أو الغطاء القانوني الذي يتيح للوزارة "تقديم صانعي المحتوى للعدالة".
ويضيف شاكر لموقع "الحرة" أن "القوانين هي واحدة فقط من عدة آليات للتغيير الاجتماعي يجب أن تعمل سوية، والآليات الأخرى المطلوبة هي تعزيز التعليم وحملات التثقيف والتوعية".
وأطلقت وزارة الداخلية منصة إليكترونية للتبليغ عن "المحتوى الهابط" تتيح للمبلغ من خلالها إدراج روابط ووصف للمحتوى المبلغ عنه.
ويقول التعريف المرفق على الموقع إنه "منصة إلكترونية خاصة بالإبلاغ عن المحتويات الإعلامية المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي وتتضمن إساءة للذوق العام وتحمل رسائل سلبية تخدش الحياء وتزعزع الاستقرار المجتمعي".
يقول المحامي مرتضى الكناني إن القوانين المتعلقة بالنشر والتي لا تزال معتمدة في العراق تغطي وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها من "وسائل العلانية" التي تنظم القوانين السائدة عملها.
لكن الكناني يشير في حديثه لموقع "الحرة" إلى أن هذه القوانين "طالما أثارت الجدل باعتبارها مقيدة لحرية التعبير التي نص عليها الدستور"، مضيفا "سنت تلك القوانين في حقبة النظام السابق واستفاد منها لتعزيز قبضة السلطة على الإعلام.
ويقول رئيس منظمة الدفاع عن حرية الصحافة، مصطفى ناصر، إن "السلطة الحالية لم تتمسك بقوانين صدام حسين وحسب، بل تسعى لتشريع ما هو أقسى منها".
وأضاف ناصر لموقع "الحرة" منذ "أكثر من عقد وهم يسعون لبناء حقبة دكتاتورية جديدة سمتها التغييب والسجون".
وأشار ناصر إلى قضية المدون حيدر الزيدي، الذي حكم عليه بالسجن 3 سنوات بعد إدانته بـ"إهانة" مؤسسات الدولة، على خلفية تغريدات انتقد فيها هيئة الحشد الشعبي.
وأثار إعلان تشكيل اللجنة مواقف متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأنه جاء متزامنا مع حملة "تصحيح" التي أطلقها عدد من المدونين والتي تدعو إلى "مقاطعة" منتجي المحتوى "الهابط".
يقول عمار الحديثي "من المستغرب أن تحشر وزارة الداخلية أنفها في ملف المحتوى الهابط بالسوشيال (...) في بلد يموت أهله بسبب المخدرات والفساد والحوادث المرورية".
ويثني هذا المغرد على دور وزارة الداخلية في "محاسبة اصحاب المحتوى الهابط الذي تجاوزوا كل الخطوط الحمر"، بحسب قوله.
ويقول رائد الزبيدي، وهو صحفي ومدون عضو في حملة تصحيح أن "المحتوى الهابط أصبح منتشرا بشكل كبير في مواقع التواصل العراقية، وهو يصنع من قبل أشخاص يبحثون عن المشاهدات والإعجابات التي تترجم إلى أموال إعلانات واموال تدفع من قبل مواقع التواصل للمشاهير".
ويقول الزبيدي لموقع "الحرة" إن الحملة تهدف إلى حرمان هؤلاء من موردهم المالي من خلال مقاطعة محتواهم.
لكن المتخصص بالتسويق الإلكتروني، حسن الشماع، يقول إن "الجمهور المتأثر بحملات المقاطعة هذه هم غالبا مختلفون عن الجمهور الذي يشاهد المحتوى المطلوب مقاطعته، لهذا فإن تأثير تلك الحملات محدود.
ويضيف الشماع، وهو خبير سابق عمل مع شركة تويتر في العراق أنه "أحيانا تقوم الحملات هذه بتأثير معاكس، فتقوم بالترويج للمحتوى الذي تحاربه بدلا من محاصرته"، مضيفا أن "هناك جمهورا متنوعا على مواقع التواصل، وطالما كان هناك مهتمون بمشاهدة أي محتوى، فسيكون من الصعب جدا منعه".
الخبر صحيح بحسب البيان لاصادر عن وزارة الداخلية العراقية.