"الحرب لم تنتهي"
وشكك التقرير في ان نهاية داعش تحققت، قائلا إن "الحرب ضد داعش لم تتوقف، وان الجيش الامريكي اعلن مؤخرا انه قتل خلال العام الماضي نحو 700 من مقاتلي داعش وأسر 400 آخرين في عمليات في العراق وسوريا، بينما كان التنظيم مسؤولا عن أكثر من 500 هجوم على اراضي العراق وسوريا".
وذكّر التقرير بإعلان هزيمة داعش في الباغوز في الشرق السوري في آذار/ مارس 2019، حيث نفذت الولايات المتحدة وحلفاؤها عملية تدخل فعالة، بالعمل مع والى جانب ومن خلال "الجيش في العراق، والميليشيات المعارضة لداعش في سوريا، ومن خلال وضع العبء على السكان المحليين للقتال بينما يوفر لهم الدعم من قبلنا، وليس العكس".
الا ان التقرير اوضح انه قبل وقوع "هزيمة" داعش هذه، بدأ التنظيم الارهابي يخوض عملية تحول من حالة "الدولة" الى حالة التمرد، ولهذا اصبحت محاربتهم اكثر تعقيدا، حيث صار التنظيم يعمل في الظل، وعبر خلايا صغيرة تشن هجمات سريعة ثم تختفي بسرعة، مشيرا الى ان بعض عناصر التنظيم يعيشون حياة ازدواجية في مناطق سكانية، وينشط العديد منهم في المناطق الصحراوية الشاسعة او في المناطق الجبلية النائية.
ابتزاز واتاوات وترهيب
وبرغم إشارة التقرير إلى ان عدد هجمات داعش في العراق وسوريا خلال الشهور الماضية، ما يزال محدود نسبياً، إلا أنه لفت إلى أنها تتزايد "تعقيدا وفتكاً"، مشيرا إلى ان 25 شخصاً قتلوا في العراق خلال النصف الثاني من شهر كانون الاول/ ديسمبر الماضي
ما فرض على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني التحدث عن "فشل واضح" من جانب الحكومة والجيش.
اما في سوريا، فقد اشار التقرير الى أن داعش نجح في اختراق منشآت عسكرية حساسة في شمال شرق البلاد وقتل نحو 20 شخصاً في مناطق سيطرة النظام في الشهر الماضي أيضاً.
الجيش الفعلي في السجن
وبالاضافة الى ذلك، فقد تضاعفت جرائم الابتزاز وفرض الإتاوات والترهيب بشكل كبير في كل من العراق وسوريا، في حين تزايد لجوء داعش للانتحاريين والسيارات المفخخة، وفيما يشكل قدرات متطورة يرى خبراء مكافحة الارهاب أنها مؤشرات على نضوج التمرد، وعلى انتقال داعش من الدفاع الى الهجوم.
الى ذلك، اعتبر التقرير ان الميزة الأكبر لداعش حالياً، هي "الجلوس في السجن"، مشيرا بذلك الى وجود نحو 30 ألف مقاتل في معتقلات العراق وسوريا، يمثلون بحسب الجيش الامريكي "الجيش الفعلي لداعش".
وينتمي هؤلاء الى عشرات الدول وحكومات بلدانهم لا تريد عودتهم، وذكّر التقرير بأن للتنظيم "تاريخ حافل بعمليات الهروب من السجون"، وان حدوث احتمال كهذا بالنسبة الى هؤلاء، سيكون بمثابة "انقلاب كبير"، مستشهداً أيضاً بما جرى في كانون الثاني/ يناير العام 2022،
بعملية الهروب الكبير من سجن الحسكة والاشتباكات التي تخللته واستمرت أسبوعاً وادت الى مقتل 420 من عناصر داعش و 120 من المقاتلين السوريين.
وبالاضافة الى هؤلاء، هناك ما يثير القلق والذي يتمثل في وجود نحو 60 ألف امرأة وطفل في مخيمات شمال شرق سوريا، واعمار نصفهم تحت سن 12 سنة، بينما يحذر الجيش الامريكي من أنهم يمثلون خطر تحولهم الى "الجيل الجديد من داعش"، مشيرا الى ان داعش وضعهم في صلب حملاته الدعائية لإطلاق سراحهم.
وبعدما اشار التقرير الى ان ثلاثة ارباع الـ60 ألفاً، هم من العراق وسوريا، لفت إلى ان الجهود التي تبذل من اجل اعادتهم بطيئة جدا، ولم يعد سوى نحو أربعة آلاف من بين 27 ألف عراقي خلال العام 2022، بينما لم يكن هناك سوريون عائدون تقريبا.
أما بالنسبة الى نحو 10 آلاف شخص أتوا من نحو 60 دولة، فإن هناك تحديات هائلة سياسياً وقانونياً ولوجستياً تعيق عودتهم.
واوضح انه خلال العام 2022، وبرغم التأييد الدولي المتزايد لاعادة هؤلاء إلى أوطانهم، فقد عاد 537 فقط، ما يمثل نحو 0.5 % فقط، وبذلك، فإن اعادة الاطفال الى اوطانهم ستتطلب أكثر من 30 سنة، وسيمضي هؤلاء الأطفال طفولتهم بأكملها في مراكز الاحتجاز وسوف يكبرون على كراهيتهم للأشخاص المسؤولين عن وضعهم في مراكز الاحتجاز هذه.
ولادات مجهولة النسب
ولجعل الامور اكثر سوءا، ذكر التقرير ان الجيش الامريكي يؤكد ان هناك نحو 80 حالة ولادة في المخيمات شهريا، على الرغم من أن 95% من سكان المخيمات هم من النساء والأطفال، مضيفا أنه في ظل وجود 30 ألف سجين من الذكور و60 ألف امرأة وطفل في مخيمات الاحتجاز، فإن "ازمة معتقلي داعش تشكل خطرا مرعبا".
وبرغم اشارة التقرير الى ان اخطر عمليات داعش حاليا تجري في افريقيا، كما في مالي ونيجيريا، الا انه اعتبر ان "مصداقية" الارهابيين لن تأتي في النهاية سوى من قيادة داعش في العراق وسوريا.
وختم التقرير بالتحذير من ان الجهود الحالية لمواجهة تنظيم داعش، تتعلق غالبيتها بـ"احتواء داعش"، مضيفا ان اضعافه او الحاق الهزيمة به، سيتطلب شكلا مختلفا من الحرب عما جرى تطبيقه في العام 2019، كما سيتطلب المزيد من الموارد، منبهاً إلى انه "في حال فشلنا، فإن هذه القصة القديمة ستصبح قصة جديدة مرة تلو الاخرى".
ترجمة: وكالة شفق نيوز
ذكر المحرر كافة الأبعاد السياسية والأمنية للموضوع الذي تم الحديث عنه.